-

لتحميــــل الـعــــدد الثانـــي اضغط هنا - العودة للـعــــــــدد ألاول , أضغـط


الخميس، 22 أبريل 2010

تكست - المبدعون مصيرهم جهنم : واثق غازي المطوري


المبدعون مصيرهم جهنم

* واثق غازي المطوري

البدعة هي نتاج عمل إبداعي يمارسه المُبدع. ومهمة المُبدع هي أن يأتي بجديد. فلا أبداع بدون تجديد. ولأن التراث الديني، وتحديداً الإسلامي، يرى أن كل جديد بدعة، والبدعة ضلال، والضلال في النار، لذلك فأن كل المبدعون مصيرهم جهنم خالدين فيها أبدا. هذه الفكرة الخاطئة جعلتنا نخاف الإبداع لأننا نرى فيه ذنباً وخطيئة يُعاقب عليها الله. ونشأنا لذلك نخاف الجديد ونكرهه ونقاومه بكل ما أوتينا من قوة، فنحن نؤمن بأن العيش في جحيم الدنيا خيرٌ من الخلود في جحيم الآخرة. والغريب في الأمر أننا ندعي احترام الإبداع والمبدعين وفي نفس الوقت نجرم ونكفر البدع، وكأن البدع تنتج بدون إبداع ومبدعين، وهذه هي احد تناقضاتنا اللغوية التي تعكس جانباً من جوانب تناقضاتنا العقلية والفكرية والأيدلوجية.


يكفي في مجتمعاتنا أن يكون الأمر جديداً حتى يكون مرفوضاً. هذه الفكرة الكارثية بكل ما فيها من تناقضات والتي تهيمن على عالمنا العربي والإسلامي جعلتنا نستجدي كل ما نحتاجه من الغرب. فطعامنا منهم، وملابسنا منهم، ومواد بناءنا منهم، وسيارتنا، ومصادر تعلمينا، كل شيء منهم. والسبب هو كونهم مبدعون. ولهذا السبب أيضاً أصبحت أيديهم هي العليا وأيدينا هي السفلى. فهم اليد التي تعطي ونحن اليد التي تأخذ. ولكي تمارس العطاء عليك أولاً أن تمارس الإبداع وتقبل الجديد.



وكل المصلحون في العالم كانوا مبدعين لأنهم جاءوا بالجديد الذي يخالف ما تعارف عليه أبناء عصرهم، أي أنهم جاءوا بالبدع، وهذه البدع هي التي جعلتهم مصلحين، فلولا جراءتهم بمخالفة السائد في عصرهم لما استطاعوا أن يقودوا مجتمعاتهم إلى ما هو أفضل وأرقى واشرف. البدع سلاح الإصلاح والذين يرفضونها إنما يرفضون الإصلاح والتنمية والتقدم.


نحن بحاجة إلى استيعاب الجديد وقبوله والتخلص من فكرة كون البدعة ضلالة، لأن البدعة هداية. إننا بحاجة إلى البدع لإحداث التنمية أكثر من حاجتنا إلى النفط أو أي ثروة طبيعية أخرى. فالثروات الطبيعية تستنزف وتستهلك أما البدع فيجب أن تكون مستمرة. يجب أن نرعى المبدعين أي يجب أن نحب البدع. يجب أن تكون البدعة محببة إلى قلوبنا حتى نحقق النماء، كما يجب أن نحتقر كل من يقول أن البدعة ضلال. وفي رأيي إن الإسلام لا يرفض البدع بل يرفض من يقف في طريقها. البدعة يرفضها رجال الدين المتشددين وليس الدين، فكل الديانات في بداياتها كانت بدع في نظر من خالفها، وكانت تجديد وإبداع ونماء في نظر من آمن بها. إذا أردنا أن نحقق النماء علينا أن نحترم الإبداع والمبدعين والبدع. علينا أن نبشر المبدعون بالنعيم وليس بالجحيم.


* كاتب عراقي مقيم في أمريكا


ليست هناك تعليقات: