* ولوَلَة فورتنبراس ...
نص مسرحي
الشاعر البولوني زبجنيف هيربيرت
** تعريب : صباح كاكه يي
ها نحن الآن لوحدنا أيها الأمير وبإمكاننا التحدث وجها لوجه
أنت ترقد على السلالم وتصوب نظرك كالنملة الميتة
ما معناه ان بهجة نور الشمس السوداء متقطعة
فكلما كنتُ أفكرُ في يديك لم أكن أقدر على إخفاء سخريتي
والآن هما مرميتان على الصخر كعش مهدم
وهما في عزلة وانفصال كسابق العهد
حتى السيوف أصبحت في الأغماد منعزلة
رأس وسيقان الفارس في خنوع وتراجع
والذي أجده نذير بنهايتك القريبة
سيشيعونك بمراسيم عسكرية حتى وأنت لست عسكري
وهي من الطقوس التي افهم عليها بعض الشئ...
سوف لن تضاء الشموع ولن تقرأ التراتيل سوى إشعال الفتائل وهزيم الرعود
التي ستضيء ظلام الحزن فوق قبة خوذتك ومسامير الجزم لجنود الخيالة
وضاربي الطبول، وفقرات الإيقاع فهي لعمري ليست فقرات جميلة
لكني سأتخذ منها مناورة بارعة قبل تسلمي للعرش
إذ يتوجب على المرء إمساك هذه البلدة من بلعومها وهزها هزة بسيطة
وليكن في علمك يا هاملت أن سقوطك حقيقة غير مشكوك فيها فأنت لا تصلح للحياة
ــ لأنك تؤمن بالمفاهيم البلورية وليس بالطين البشري
ــ لأنك تعيش في نفور مستمر وتَتصيد التخيلات الأسطورية
ــ لأنك مولع بتلقف النسيم بشراهة وتجبر نفسك على التقئ في الحال
وهل سبق لك ان وقفت أيها الأمير على وضع إنساني وتنفست عميقاً ؟
لتستكين الآن الى الراحة يا هاملت فأنت قد أنجزت ما عليك
وفيما يتبقى لا سكوت عليه. سأتدبر الأمر بنفسي
أنت اخترت من بين أساليب اللدغ أسهلها تأثيراً
لكن ماذا يساوي موت البطل بالمقابل مع اليقظة الخالدة
متربع على كرسي عال وفي قبضته تفاحة باردة
يصوب نظره الى حوافر النمل وميناء الساعة
فوداعاً يا سمو الأمير, ينبغي عليَّ انجاز مشروع تشذيب مجرى النهر ــ
وما يخص شؤون المومسين والمتسولين
يتوجب علي أيضاً ابتكار نظاماً أفضل للسجن
وأنت محق في قصدك حين قلت أن الدانمارك ليس إلا سجن...
أنا ذاهب الى أشغالي، ليلة هذا اليوم سيولد نجم ــ
اسمه هاملت ونحن لن نلتقي ثانية
وما تبقى لي لن يكون مادة تراجيدية أبدا
ما كان ينبغي الترحيب بأنفسنا أو نقول الوداع، فنحن نعيش في جزيرة البحر
فماذا يبغي موج البحر في جمال عباراته أيها الأمير؟.
المصدر : Zibigniew Herbert . vermächtnis. Aus dem Polnischen von Karl Dedecius
*
** كاتب ومترجم عراقي
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق